حياة وسوق- ملكي سليمان- فوق تلة جبلية ترقد مدينة روابي، وتعانق سماء مدن الساحل الفلسطيني كمدن اللد والرملة وتل أبيب، فيما تجاور هذه المدينة الواعدة عددا من القرى عميقة الجذور، كقرى عجول وعطارة وعبوين بالاضافة الى شقيقتها مدينة بيرزيت.

 

تعتبر روابي أول مدينة فلسطينية جديدة تبنى بعد مرور الف عام على بناء مدينة اللد, وتحاول هذه المدينة العصرية التي انهت المرحلة الاولى من مشروعها بانجاز عدة احياء سكنية من اصل 23 حيا سكنيا بالاضافة الى توسيع المركز التجاري للمدينة, ان تحاكي العراقة والاصالة الفلسطينية، بان تكون تصاميم العمارات والاحياء ضمن نظام الحارات الفلسطينية الذي له هدف اجتماعي، ومن جهة اخرى ادخال كل وسائل الراحة ووسائل التطور التكنولوجي في شقق وبيوت هذه المدينة الذكية, وبرغم تذليل بعض التحديات والعقبات مؤخرا التي كانت تواجه الشركة المطورة لمشروع بناء المدينة ومنها ربط المدينة بشبكة مياه مؤقتة تكفي لاحتياجات 5000 نسمة، غير ان المدينة تواجه مشكلة عدم وجود شوارع  واسعة تتلاءم مع احتياجات مدينة عصرية حيث ان الاحتلال يماطل في السماح بتوسيع الشوارع المطلة على المدينة.

 

وتوقع ماجد عبد الفتاح رئيس بلدية روابي في مقابلة خاصة مع "حياة وسوق" ان يصل عدد سكان  المدينة الى 25 الف نسمة بعد مرور خمس سنوات, مشيرا الى ان مساحتها الاجمالية البالغة 6300 دونم قادرة على استيعاب 40 الف نسمة  بعد مرور 15 عاما.

 

وقال عبد الفتاح: "ان عدد سكان المدينة وبعد ان تم تسليم 1250 وحدة سكنية لاصحابها  يقدر بـ 3000 نسمة مع نهاية صيف 2017". مضيفا ان عدم وجود ارقام دقيقة بعدد السكان الآن  يعود الى ان عددا من اصحاب الشقق لم يسكنوا فيها بعد وكذلك لعدم قيام جهاز الاحصاء المركزي الفلسطيني بانجاز سجل السكان  للمدنية، وبالتالي فان "روابي" لن تشهد اجراء انتخابات محلية هذا العام 2017  بل ستقوم وزارة الحكم المحلي بتعيين مجلس بلدي منتخب من قبل لجان الاحياء في المدينة وهذه اللجان المذكورة تم انتخابها من قبل السكان الى ان ينهي جهاز الاحصاء المركزي سجل سكان مدينة روابي في حين ان الاحصاء انتهى مؤخرا من اجراء مسوحات للمساكن والمباني في المدينة اذ ان لجنة الانتخابات المركزية لا تدرج اي موقع ليس فيه سجل سكاني.

 

6300 دونم المساحة الكلية للمدينة

وتابع عبد الفتاح: "انه في شهر حزيزان من عام 2013 عين مجلس الوزراء مجلسا لبلدية (روابي) مكونا من احد عشر عضوا اربعة منهم يمثلون الوزارات في حين تم تعيين سبعة اعضاء يمثلون القطاع الخاص والمؤسسات الاهلية الذين يمتلكون الخبرات والكفاءات العلمية, اذ ان فكرة انشاء المدينة بدأت عام 2007 في حين ان مرحلة تنفيذ المشروع بدأت عام 2010  وتم البدء باقامة عددا من الاحياء السكنية بالاضافة الى بناء المركز التجاري ومنطقة صناعية ومسرح بلدي ومراكز ترفيهية, وفي عام 2013 بدأت معالم المدينة تشاهد للناس بوضوح.

 

2000 دونم حصة الشركة المطورة

ولفت عبد الفتاح الى  ان الشركة المطورة للمشروع وهي شركة ( بيتي للاستثمار العقاري) وهي ثمرة شراكة بين شركتي مسار العالمية وشركة الديار القطرية صاحبتا المشروع  التي تمتلك 2000 دونم من اصل 6300 دونم, اذ ان بقية هذه المساحة اما تعود لمالكين اصليين او لمستثمرين جدد, وقد بدأت الشركة المطورة مرحلتها الاولى على مساحة 1000 دونم من هذه المساحة الاجمالية, مشيرا الى ان كل من ينوي من اصحاب هذه الاراضي البناء عليها يتوجب عليه الحصول على رخصة بناء من بلدية روابي وضمن قانون الحكم المحلي لذا فان تكاليف البناء ستكون مرتفعة لمن يريد اقامة مشروع بناء خاص به كون الابنية ذات مواصفات وجودة عالية, مضيفا ان الشركة المطورة  كانت تملك 98% من المساحة الكلية لحصتها وبالتالي اضطرت الى الاستعانة بالحكومة التي نفذت (قانون الاستملاك) على قطع بسيطة من الاراضي من اجل ان يبدأ العمل بالمشروع وقامت الحكومة بشراء هذه الاراضي من اصحابها باسعار مقبولة, موضحا الى ان الحكومة والشركة المطورة قامتا بالتوقيع على مذكرة تفاهم من اجل ان تقوم الحكومة باقامة البنية التحتية للمدينة, غير انها اي (الحكومة) لم تلتزم بذلك.

 

ويبين عبد الفتاح الى ان ما يميز (روابي) عن غيرها من المدن الفلسطينية انها عبارة عن مزيج من خاصيتين الاولى انها تحاكي العراقة الفلسطينية بنوع البناء والتصاميم الفلطسينية التي لها علاقة بالذاكرة الفلسطينية خاصة (نظام الحارات) الذي يهدف الى التكاتف الاجتماعي بين الناس, اما الخاصية الثانية فهي مدينة متكاملة اذ تم تخطيطها قبل بنائها بعكس المدن الحالية وبالتالي فـ(روابي) مدينة تصنف على انها ذكية وكل شيء فيها مبني على اسس الكترونية  فان حدث خلل في شبكة الكهرباء او المياه  فانه يتم اكتشافه الكترونيا وبسرعة فائقة.

 

روابي عقبة أمام التوسع الاستيطاني

ويتطرق عبد الفتاح الى الدور النضالي للمدينة (روابي) فيقول: "ان بناء مدينة روابي حال دون توسع مستوطنة (عطيرت) المقامة على اراضي المزارعين في المنطقة  فقد كان هؤلاء المستوطنون يعسكرون ايام السبت في منطقة روابي ولديهم اطماع  تمهيدا لمصادرة اراضي المزارعين الذين حرموا من دخولها خوفا من اعتداءات المستوطنين وجنود الاحتلال، والان اصبحت هذه الاراضي بايدي اصحابها المزارعين والمستثمرين, ويشير عبد الفتاح الى ان "روابي مدينة متكاملة مع محيطها من القرى  المجاورة وهذه القرى التي لها تاريخ عريق ولكن وجود مدينة روابي سيعزز وجود وتطور هذه القرى من خلال الاستثمارات والمشاريع التي ستشهدها هذه المنطقة والاهم من ذلك ان اسعار الاراضي في المنطقة تضاعف كثيرا منذ البدء ببناء مدينة روابي وايضا ان المجالس القروية  اخذت تخطط بشكل اشمل واوسع لمشاريعها وليست على انها قرى صغيرة  من اجل توفير الخدمات اللازمة للمستثمرين في المستقبل الذين سينفذون العديد من المشاريع الاقتصادية والتجارية من بناء جامعات ومشافي خاصة وغيرها".

 

ويتابع عبد الفتاح: "حاليا يوجد مقر مؤقت لبلدية روابي وقد قدمنا المخططات اللازمة لوزارة الحكم المحلي من اجل اقامة مبنى للبلدية يتلاءم مع وضعها".

 

وحول رؤية البلدية للمدينة اوضح عبد الفتاح الى انها ليست سهلة فنحن نبحث عن مدينة تحافظ على التراث والثقافة الفلسطينية في نفس الوقت نريدها مدينة عصرية  وبالتالي من الصعب تحديد ثقافة المدينة  المستقبلية فهي اي روابي مدينة تبحث عن التميز وكل مدينة فلسطينية تمتاز بجزئية معينة ونحن نحاول الوصول الى كل هذه الجزئيات فرام الله مدينة ذكية ونابلس مدينة عريقة وذات نشاط اقتصادي ومدينة القدس ذات تاريخ ديني وثقافي وحضاري ولكن المسألة ليست سهلة ونضع هذه التوجهات ضمن الاستراتيجية ولكن  مع وجود السكان  سيتم تحديد هوية وثقافة هذه المدينة مستقبلا.

 

ويخلص عبد الفتاح الى القول: "ان علاقة بلدية روابي مع المجالس القروية والبلدية المجاورة ذات مستويين فنحن اعضاء في الاتحاد العام للبلديات واصبحنا جزءا منه وما ينطبق على المجالس والبلديات ينطبق علينا ومنذ اليوم الاول حرصنا في البلدية على ان تكون العلاقة مع هذه الهيئات المحلية قوية ومتينة وان تكون علاقة تكاملية ايضا من خلال الاهتمامات بالقضايا المشتركة وبخاصة القضايا البيئية ونسعى مع بلدية عبوين الى تنفيذ مشروع صغير وهو تعبيد جزء من شارع يسمى واد البلاط بمساحة 500 متر مربع  الذي هو ضمن مناطق (ج)  وبالشراكة مع القرى المحيطة ايضا.

 

ودعا الحكومة الى ان تساعد بتطور مدينة روابي من اجل التغلب على بعض التحديات من خلال الدعم المالي والفني والمعنوي والسياسي وبخاصة لمشاريع البنية التحية في المدينة لان المدينة في نهاية الامر هي ملك للمواطنين وليست لشركة كما يعتقد البعض فكل مبلغ يستثمر فيها يعود بالنفع على المدينة والمواطن واهالي المنطقة, مشددا على ان تجربة بناء مدينة روابي  التي هي نموذج فلسطيني مثمر  في حالة اقامة مدينة جديدة على غرار روابي فان كل العراقيل والتسهيلات اصبحت معروفة  ويسهل التعامل معها مستقبلا. 

 

للاطلاع على الخبر عبر الموقع الذي قام بنشره، الرجاء الضغط هنا