القدس العربي -  تجسّد مدينة روابي الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة، بمنازلها الأنيقة ومتاجرها الفخمة، حلماً راود رجل أعمال فلسطيني قبل سنوات وحقّقه، لكنه يلقى انتقادات كثيرة.

 

وباستثناء علم فلسطيني كبير عند الطريق الوحيدة المؤدية إلى المدينة، تبدو روابي للوهلة الأولى كمستوطنة إسرائيلية على تلال الضفة الغربية.

 

وفي هذه المدينة التي تبعد تسعة كيلومترات شمال مدينة رام الله، مقر السلطة الفلسطينية، شوارع نظيفة وثلاثة أحياء سكنية جاهزة، بينما يتواصل العمل في ورش البناء بالعمل لتجهيز الأحياء الباقية.

 

وقد يُنظر إلى هذا المشروع البالغة تكلفته ملياراً و400 مليون دولار على أنه مقامرة في منطقة محتلّة غير مستقرة سياسياً ومهددة بالانفجار.

 

وواجه المشروع عدة مشاكل مع السلطات الإسرائيلية، عرقلته وكادت تهدّد استكماله، منها عدم سماحها بشق طريق يؤدي إليه وعدم مدّه بالمياه.

 

ويقول بشار المصري رئيس مجلس إدارة شركة “مسار” المنفّذة لمشروع المدينة، “أصبحت المدينة في الأشهر الأربعة أو الخمسة الماضية مزاراً لكل الفلسطينيين، في كل شهر يأتي مئة ألف فلسطيني لزيارتها”.

 

وخطة التوسع البنائي للمدينة طموحة للغاية، فهناك مدرج كبير يتّسع لخمسة عشر ألف شخص ومركز للرياضات القصوى بدأ بالعمل، إضافة إلى مشاريع مستقبلية منها سينما حديثة ومصنع للنبيذ وغير ذلك.

 

وتحاكي المدينة الطراز الغربي بعيداً عن عشوائية البناء في المدن الفلسطينية عادة.

 

لكن المشروع واجه انتقادات واسعة في الشارع الفلسطيني. ويرى البعض أن الفلسطينيين ليسوا بحاجة الى مدينة كهذه.

 

ويردّ رجل الأعمال الفلسطيني الأمريكي، بالقول إن شريحة من الفلسطينيين ترغب في حياة من هذا الطراز، وهو يرى أن مدينته تمثّل “خطوة كبيرة مهمة” باتجاه الدولة الفلسطينية المستقلة.

 

ويقول “لا أعرف من الذي يحدد ما الذي يريده الفلسطينيون؟” مضيفاً “لسنا كلنا متشابهين”.

 

 مركز تجاري عالمي

 

وفي أواخر أيار/مايو الماضي، افتتح في المدينة مركز “ق” التجاري في الهواء الطلق مع محلات تجارية فخمة تبيع احذية مصممين عالميين وحقائب باهظة الثمن.

 

وهناك متاجر فارغة واعلانات تبشر بمجيء شركات عالمية لمستحضرات التجميل والملابس الى المركز.

 

وتباع في متاجر المركز ماركات “ماكس مارا” و”ارماني جينز″ و”جوسي كوتور” و”لاكوست” وغيرها.

 

وترمز “ق” الى قطر، إذ ان شركة الديار القطرية المملوكة بالكامل لهيئة الاستثمار القطرية، هي شريك كبير في المشروع.

 

في الضفة الغربية، يتقاضى 17,1 % من العاملين مبلغاً اقل من الحد الادنى للاجور المقدر ب1450 شيكل (380 دولاراً شهرياً). وتبلغ نسبة البطالة في الاراضي الفلسطينية المحتلة29 %، بحسب ارقام صادرة عن الجهاز المركزي للاحصاء الفلسطيني.

 

في ظلّ هذا الواقع، يتعرض المركز التجاري أيضا لانتقادات واسعة بسبب الاسعار المرتفعة للبضائع هناك التي تفوق القدرة الشرائية للكثير من الفلسطينيين.

 

لكن رجل الأعمال يدافع عن مركزه التجاري بالقول “ليست امكانيات الجميع متشابهة. هناك اشخاص يرغبون بشراء ماركات ولا يجب ان يضطروا للذهاب الى (العاصمة الاردنية) عمان او الى التسوق في مراكز تجارية اسرائيلية”.

 

ولم تتركز الانتقادات فقط على الاسعار في المدينة. بل ركّز نشطاء حركة مقاطعة اسرائيل ايضاً على عمل بشّار المصري مع مهندس معماري اسرائيلي في هذا المشروع، بالاضافة الى علاقات تجارية تربطه مع الاسرائيليين.

 

وسبق أن اصدرت حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات على اسرائيل “بي دي اس″ في عام 2012 بياناً، دانت فيه تعاملات المصري “مع النخبة الإسرائيلية السياسية والتجارية كوسيلة لتعزيز مصالحه الشخصية وتحقيق الأرباح على حساب حقوقنا الوطنية”.

 

إلا أن المصري يرى أن المنتقدين ليسوا سوى “اقلية صغيرة جداً، ولكنها نشطة اكثر عبر وسائل التواصل الاجتماعي”.

 

مدينة فارغة تقريباً

 

ومن روّاد المركز سائد ابو فخيدة الآتي من مدينة رام الله القريبة مع زوجته وطفلته للتسوق.

 

ويقول “كل شيء متوافر هنا في مكان واحد. هناك ملابس والعاب وغير ذلك. في رام الله ستضطر للذهاب الى اكثر من مكان لشراء كل شيء”.

 

وتبدو المدينة شبه فارغة تقريباً في ساعات الليل، باستثناء عدد قليل من الشقق السكنية.

 

وتقدر الشركة عدد السكان في روابي حالياً بثلاثة آلاف نسمة بينما تستوعب المدينة في مراحلها الاولية 25 الف نسمة قبل ان يرتفع هذا العدد الى 40 الفاً عند اكتمال البناء.

 

وانتقل اياد نزال وزوجته فاطمة الى المدينة مع بناتهما الثلاث آتين من المملكة العربية السعودية التي عاشوا فيها لسنوات.

 

وتثني العائلة على نموذج المدينة الجديدة المخطط لها بعيداً عن ضوضاء المدن العادية.

 

ويقول اياد “فضلنا الشراء هنا، وجدنا ما اعتدنا عليه من ناحية البنية التحتية والرفاهية ونظام الحياة الذي كنا نعيشه”.

 

وتقول فاطمة “عندما انتقلنا كنا نشعر ان المدينة شبه فارغة ولكن مع افتتاح المركز التجاري اصبح هناك حركة اكبر”.

 

يرى المصري ان مشروعه التجاري لن يكون مجدياً اقتصادياً، لكنه يقول إن النجاح يكمن في عوامل أخرى.

 

ويضيف “روابي مدينة ناجحة باقية بعيداً عن الشركة واكبر دليل انها موجودة وستكون موجودة بعد عشر سنوات او عشرين عاماً”.(أ ف ب)

 

للاطلاع على الخبر عبر الموقع الذي قام بنشره، الرجاء الضغط هنا